الاثنين، 15 مارس 2010

مدحت بهجات في ضيافة مهد الدعوة

الأستاذ مدحت بهجات داعيةٌ مميز ، فيه شموخٌ ، ويتقنُ الاجتهادَ والإبداع ، ويكادُ يتناوشُ الأعالي ، وهو ابنٌ بارٌ من أبناء دعوة الإخوان المسلمين بالإسماعيلية ، وأحد الذين ارتوَوْا من نبعها شرابَ العزمِ والأمل .. قبيل بدء انتخابات محليات 2008 تم اعتقاله ، فقضى ما يقرب من أربعة أشهر في سجني المستقبل ووادي النطرون ، وها هو اليوم يخرج من محبسه يحدوه الأمل لمواصلة البذل والعطاء …

مهد الدعوة: في البداية نرحب بكم، ونريد التعرف على بطاقتكم الشخصية؟

الاسم : مدحت أحمد بهجات .

السن: 49 سنة.

الحالة الاجتماعية متزوج ، ورزقني الله بثلاثة أبناء وحفيد ( حسن البنا) .

العمل : مدير عام فرع شركة إيجوث بالإسماعيلية .

مهد الدعوة: كيف كنتم تقضون يومكم داخل السجن ؟

انقسمت فترة اعتقالي إلى مرحلتين ، الأولى كانت بسجن المستقبل وقضيت به 50 يومًا ، والمرحلة الثانية بسجن وادي النطرون وقضيت به 65 يومًا .

بالنسبة للمرحلة الأولى والتي كانت بسجن المستقبل :كانت ظروف السجن سيئة جدًا ، فهو غير مهيئ لاستقبال السجناء السياسيين ، بالإضافة إلى أن إدارة السجن لا تفرق بين السجين السياسي والجنائي ، ومن ثم لا يتم فتح الغرف مطلقًا ، فلم نرَ الشمس طوال فترة الحبس ، كما كان تعيين الطعام جافًا وبكميات ضئيلة ، وكانت هناك قيود على إدخال الطعام من خارج السجن ، فضلاً عن عدم وجود رعاية صحية .

فقد كان الأخ عادل الغرباوي مصابًا بالكبد ، وتعرض للغيبوبة أكثر من مرة ، بالإضافة للمهندس صلاح شلتوت الذي كان يعاني من كسر وتمزق في الأربطة ، كما أصيب الدكتور علي عبداللاه بالتيفود ، أضف إلى ذلك وجود عدد كبير من الهنود المصابين بالجرب والاشتباه في وجود حالات إيدز .

أما الزيارات فقد كانت عشر دقائق فقط ، وكنا ننزل بالقيد الحديدي في وضع غير إنساني ، الأمر الذي اضطرنا إلى إعلان إضرابنا عن الطعام .

ومع هذا كله كنا نستشعر معية الله عز وجل ، ونؤمن بأن قدر الله غيرُ منفكٍ عن لطفه ، وحاولنا استفادة أكبر وقت ممكن لحفظ القرآن ، وتبادل الخبرات ، والتعرف على بعضنا بشكل أعمق .

أما بالنسبة للمرحلة الثانية ، فبعد إخلاء سبيلنا فوجئنا باستصدار قرارات اعتقال ، فتم ترحيلنا إلى سجن وادي النطرون ، وكان الإخوان في استقبالنا بمشاعر فياضة ، مما كان له أكبر الأثر في نفوسنا ، واندمجنا سريعًا مع بقية الإخوان الذين وصل عددهم لأكثر من مئة معتقل من محافظات مصر المختلفة .

كانت هذه الفترة مختلفة ، فكنا نقضي الوقت معًا خارج الزنازين لأداء الصلوات ، ولاستماع المحاضرات ، ولممارسة الرياضة ، إلا أن هذا السجن تنقصه الرعاية الصحية ، فقد أصيب أحد الإخوان بقطع في الوتر ، فكانت الاستجابة بطيئة والإمكانيات محدودة .

مهد الدعوة : كيف كانت علاقة الإخوان ببقية السجناء ؟

بالنسبة لسجن المستقبل الجنائي ، كانت إدارة السجن عندما تريد تأديب بعض الجنائيين ترسله إلينا ، وكنا بفضل الله نستوعبهم ونقترب منهم ، مما انعكس على سلوكياتهم فقد كانوا يواظبون على الصلوات وقيام الليل والصيام ، وهذا يؤكد لنا أثر البيئة في تغيير السلوك الإنساني .

هؤلاء وإن كانوا مجرمين ، إلا أنهم ضحايا المجتمع والظروف السيئة وبخاصة داخل السجون ، فقد أصبحت السجون أكبر مدرسة لتعليم الإجرام والإدمان ..

أما في سجن وادي النطرون ، فقد كان التعامل مع الاتجاهات الأخرى بشكل محدود ، فلا يزال منهم من يؤمن بفكرة التكفير ، وهناك البعض الآخر الذي أدرك أن فكر الإخوان فكر صحيح ، ويرون أنهم قد استدرجوا للعنف ، ولذلك فقد غيّر الكثير منهم قناعاته ، وقد تعرض بعضهم للظلم الشديد منذ أكثر من أربع عشرة سنة ، ولم يتم الإفراج عنهم برغم الوعود الكثيرة بذلك .

مهد الدعوة: ما المفارقات التي وجدتموها في السجن ؟

أبرز المفارقات وجود ثلاثة من أعضاء مجلس الشعب السابقين معنا في سجن وادي النطرون ، وهم د/سيد عبد الحميد نائب أبو كبير ، وم/ سيد حزين نائب أبو حماد ، وم/ صابر عبدالصادق نائب دمياط ، وهؤلاء الثلاثة قد شهد لهم الناس بالأداء الرفيع والأمانة .

ومن المفارقات أيضًا وجود عدد من العلماء مثل الدكتور محمد طه ، والدكتور علي الدغيدي الذي تم تكريمه أثناء اعتقاله في جامعة كفر الشيخ ، وذلك لإنجازاته العلمية الفذة في مجال تنمية الثروة الحيوانية ، مما أدى إلى توفير مئات الملايين من الدولارات ، وقامت زوجته بالنيابة عنه بحضور حفل تسليم جائزته ،وهذه هي مكانة العلماء .

مهد الدعوة: كيف استفدتم من هذه الفترة ؟

كانت هذه الفترة بمثابة وقفة مع النفس ، تحسست فيها خطاي ، وأعدت ترتيب أولوياتي ، كما تعرفت فيها على العديد من الوجوه الجديدة ، واكتسبت الكثير من الأشياء .

مهد الدعوة : كيف تقيمون انتخابات المحليات 2008 ؟

لقد كان قرار الإخوان بدخول المحليات قرارًا صائبًا ، وأعتقد أنه حقق أكثر من الأهداف المرجوة منه ، وعلى الرغم من إدراك الإخوان لما سيحدث من تزوير ومحاولة منع مرشحيهم من تقديم أوراقهم ، إلا أن الأمر في النهاية صراع إرادات كما يقول د عصام العريان ، هذا إلى جانب التعاطف الشعبي الهائل على أوسع نطاق ، حتى من ضباط الشرطة ووكلاء النيابة وكافة القطاعات ، فقد كانوا يدركون أن ما يحدث قد تجاوز حدود المنطق والمعقول ، وبالتالي فموضوع الانتخابات خفف كاهل الإخوان ، وأثقل كاهل الحزب الوطني ، وأفقده كل أشكال المصداقية .

مهد الدعوة: يرى بعض المحللين أن شعبية الإخوان قد تراجعت في الفترة الأخيرة ، فهل ترون ذلك ؟

لا لم تتراجع شعبية الإخوان، ولو أنها تراجعت فلمَ يُصرّ النظام على التزوير الفاضح في الانتخابات، ولم لا تُترك صناديق الاقتراع تعبر عن إرادة الناس دون تدخل.

مهد الدعوة: ماذا تمثل دعوة الإخوان بالنسبة لكم ؟

إنها حياتي، ولا حياة لي بدونها.

مهد الدعوة: لو أردت الآن أن ترسل بعض الرسائل ، فلمن ترسلها ؟

أولاً : للإخوان : إن المجتمع في أمسّ الحاجة إليكم ، فلا تنعزلوا عن الناس ، وقدموا لهم الحب والرعاية ، فهذه فرائض دعوتنا .

ثانيًا : للنظام : اتقوا الله في هذا البلد ، واعلموا أنكم ستقفون بين يدي الله تعالى ، ولن تنفعكم يومئذ مناصبكم ولا أموالكم .

ثالثًا : للمجتمع : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسه ، إن الحقوق لا توهب ، وإنما تنتزع انتزاعًا ، ولسنا أقل من موريتانيا وزيمبابوي .

حوار : محمد الراشد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق