الجمعة، 28 مايو 2010

هل انتهى علم السياسة حقا?

ملخص :
- يمر علم السياسة الآن بفترة حرجة من المراجعات النقدية الشاملة بدأت خلال عقدي الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي .
- رغم أن علم السياسة شهد توسعات كبيرة إلا أن علم السياسة القديم يعاني من تشتت نظري وانقسام منهجي عنيف وحركة تمرد من حقل رئيسي مثل ( حقل الفكر السياسي ) وحقل العلاقات الدولية الذي يحاول تأكيد استقلاله .
- الغرض الرئيسي للبحث : أن نهاية علم السياسة واقع فعلا – مع شيوع أفكار مثل نهاية التاريخ – نهاية الدولة .... وأن النظريات المختلفة في علم السياسة لم تعد قادرة علي التعايش فيما بينها ولم يعد بالإمكان الجمع بين الحقول الرئيسية ( الفكر السياسي – العلاقات الدولية – السياسة المقارنة ) تحت سقف واحد خاصة أن كل منها يسعي للانفصال عن علم السياسة ... والخلاصة أن علم السياسة بلغ مرحلة لا علم ولا سياسة .... فهل انتهى حقا علم السياسة .
مقدمة :
- علم السياسة أساسا فرع من العلوم الاجتماعية يتناول – بالدراسة والتحليل :
1- العلاقة بين الدولة والسلطة والسلوك السياسي وأفكار ومعتقدات أفكار المجتمع ( علم الدولة ومؤسساتها ) .
2- علم السلطة وكيفية ممارستها أو الوصول إليها أو البقاء فيها .
3- علم السلوك السياسي للأفراد في المجتمع والعوامل المؤثرة أو المتحكمة فيه .
4- علم القيم والإمكانات التي يحملها الأفراد والجماعات من أجل مجتمع أفضل .
- زاد الاهتمام بهذا العلم لزيادة مساحة السياسة وأثرها في كل المجالات .
- تعدد اهتمامات علم السياسة وتنوع فروعه حتى أصبحت تتباعد عن بعضها البعض .
- تعدد نظريات علم السياسة ومدارسه ( فلسفية – واقعية – قانونية – سلوكية – ما بعد السلوكية ... ) .
- علم السياسة الآن مختلف كل الاختلاف عن علم السياسة في صيغته الكلاسيكية والتقليدية .
- بدأ علم السياسة القديم بالبحث عن الفضيلة والعدالة – ثم أصبح أكثر تواضعا وواقعية ... بالتركيز علي السلطة ( بداية من ميكافيللي و ثم في مرحلة لاحقة كان التركيز علي الدولة بوصفها الوحدة الأساسية ( مع ظهور الدولة القومية ) مما أحدث الانسجام والتركيز فى علم السياسة .
بعد الحرب الثانية ظهرت ( الثورة السلوكية ) التي يراها البعض الولادة الحقيقية لعلم السياسة من خلال دراسة السلوك السياسي للأفراد دراسة ميدانية بالمنهج العلمي وبقدر من الحياد والموضوعية وحاليا ( في نهاية القرن العشرين ) اقتنع الجميع بعدم علمية علم السياسة وبرزت مدرسة ما بعد السلوكية الذي اسقط إدعاء العلمية عن علم السياسة وأفسح المجال لعدد لا نهائي من الحقول والفروع والنظريات والمدارس المتضاربة والمتنازعة مما أدخل علم السياسة حالة التشتت والغموض .
عصر السياسة : تغلغلت السياسة في حياة الإنسان المعاصر وأصبحت تتصدر قائمة الأولويات في كل المجتمعات الحديثة حتى أصبح من المشروع تسمية هذا العصر – دون غيره – بعصر السياسة .
- تسيست – الرياضة – الفن – السياحة – البيئة – الازدحام – الغذاء – الإيدز – الإجهاض - التدين ... كل هذه القضايا العامة والخاصة تحولت إلي قضايا سياسية ساخنة وخلاقة تؤدي دورا مهما وحاسما خلال الانتخابات وتقييم أداء الحكومات ....
- أصبح فهم السياسة مهما وحيويا لكل فرد بغض النظر عن ممارسة السياسة أو الوصول للسلطة وإنما لفهم الحياة وتحولاتها .... لكي يقرر الإنسان مصيره ويحدد موقعه ويحافظ علي حقوقه ويتحكم في بيئته ...
- ولكن هذا الفهم ليس بالأمر اليسير فالسياسة مازالت غامضة كل الغموض حتى للسياسيين الذين يمارسونها ويكونون من أكثر ضحاياها . وهي كذلك بالنسبة لعلماء السياسة ( صعوبة تحديد تعريف موحد للسياسة – أو الاتفاق حول معانيها المتعددة ).
- السياسة لها أكثر من تعريف وأكثر من عنصر وأكثر من شكل ( بسيط – معقد – فلسفي / واقعي – رسمي / قانوني / سلوكي ) تتفاوت من عصر إلى عصر ومن مكان إلى مكان . تختلف نظرة عالم السياسة الذي يدرسها عن الفكر الذي يحللها بتجرد .
- هذا العجز عن تعريف معنى السياسة يشكك في جدوى علم السياسة .
علم كل العلوم
بدأ علماء السياسة مؤخرا في البحث عن تاريخ علم السياسة في سعيهم لتأسيس علم سياسة جديد وهذا البحث أدى إلى نتيجة مقلقة هي ان هناك أكثر من صيغة لعلم السياسة ( قديم وحديث / تقليدي وسلوكي / فلسفي وواقعي / نظري وكمي علم سياسة أمريكي وآخر أوربي ذكري وأنثوي نسوى ) والخلاصة أن البحث التاريخي أسقط فكرة أحادية علم السياسة قديما وحديثا في أقدم صيغة كان علم السياسة وثيق الصلة بالفلسفة ولكنها معنية ( بالينبغيات ) أي ما ينبغي أن يكون ولذا اعتقد أرسطو والفارابي وغيرهما من المفكرين السياسيين القدماء أن علم السياسة هو علم كل العلوم وقبل ذلك كان أفلاطون يري أن علم السياسة سيد كل العلوم لأنه العلم الوحيد الذي يسعى من أجل إقامة الحياة الفاضلة والمعني بذلك الصفوة التي تضحي بمصالحها من أجل ذلك ويري أفلاطون ( أن الحكيم يجب أن يكون حاكما والحاكم يجب أن يكون حكيما ) وبغير هذا لن تتحقق المساواة والعدالة والسعادة البشرية وجمهورية أفلاطون وكذلك مدينة الفارابي غير قائمة على أرض الواقع ...
وهذا الفهم الفلسفي لعلم السياسة ساد فترات تاريخية طويلة ثم اختفى مع ظهور المدرسة السلوكية ولكن البعض يعاوده الحنين للفكر السياسي التأملي بعد صعود التيار الما بعد سلوكي بحثا عن العدالة والمساواة .... خاصة بعد التطورات العلمية والحياتية المتسارعة وبخاصة ما يتعلق بالهندسة الوراثية وتفكيك الجينات وأصبحت المشكلات من صنع العلم نفسه وبالتالي لا يوجد من يتصدى لها إلا الفلسفة والفكر الفلسفي السياسي ....
علم السلطة
عدم واقعية الفهم الفلسفي لعلم السياسة هي أبرز نقاط ضعف هذا الفهم فهو هل يمكن أن يكون علم كل العلوم كما أن العدالة والحرية والمساواة والسعادة غايات إنسانية نبيلة ولكنها ليست سياسية فعلم السياسة الواقعي يدرس السياسة ظواهر مثل ، السلطة والقوة والحكم والدولة والسلوك السياسي .
علم السياسة الواقعي يدرس السياسة كما هي وليس كما ينبغي أن تكون ... ولذا فهو متصل أشد الصلة بالسلطة وبكل ماله علاقة بها القوة / النفوذ / الحكم / إذا فعلم السياسة هو ذلك العلم المتخصص في دراسة السلطة وفن إدارتها وممارستها والبقاء فيها والمحافظة عليها .
ينطلق علم السياسة الواقعي من حقيقة أن السلطة موجودة في الحياة من القدم لها جاذبية ليست لغيرها كما أن السلطة ارتبطت بالصراع الخفي أو المعلن ( ميكافيللي أول من ركز علي مفهوم السلطة ) ويعتر أول من أسس علم السياسة الواقعي وحدود ومواصفات رجل السياسة الذي يجب أن يتصف بالقوة وأيضا بالمكر والدهاء والخبث ( صفات الأسد والثعلب ) ولا علاقة للسياسة بالأخلاق والقيم النبيلة كما قال بذلك أفلاطون ....
علم الدولة
بالإضافة إلي السلطة هناك منم علماء السياسة من ركز علي الدولة حيث السلطة والقدرة والقرارات والمؤسسات والعلاقات الصراعية والتعاونية ...
فالسياسة وبهذا المعني لا توجد إلا حيثما توجد الدولة فقط وأي ممارسة للسياسة خارج إطار الدولة فإنها غير مهمة يجب تجاهلها أو غير شرعية ولذا فهي خارجة عن القانون يجب محاربتها ... والسياسي الناجح وفق المفهوم السابق هو الذي يتقن فن إدارة الدولة حسب اللوائح والقوانين المستمدة من الدستور .
كل ذلك يؤكد أن علم السياسة هو علم الدولة وبدون فهم الدولة لا يمكن فهم السياسة ولذا كانت الدولة منذ القديم ( أرسطو ومرورا بميكافيللي وهوبز ولوك وهيجل وماركس ... وغيرهم ) هي موضوع علم السياسة وهو يبحث في أصل الدولة ونشأتها والهدف من وجودها ووظيفتها ( توفير الأمن في الداخل وفي الخارج فقط أم تتسع لتشمل كل الخدمات الأخرى )ثم دراسة العلاقات بين الدول خاصة مع ظهور الدولة القومية وتزايد عدد الدول من 50 دولة عام 45 إلى 200 دولة حاليا ...
ووفقا للمفهوم السابق فإن الدولة – وحدها – وليست المنظمات الدولية أو الشركات العابرة للقارات أو التكتلات الاقتصادية والتجارية – هي التي تسيطر علي العالم المعاصر سيطرة كاملة .
الدولة إذا أهم حقيقة سياسية تزداد أهميتها وقدراتها وتغلغلها وفي بعض الأحيان تحولت إلى أداة تسلط وقمع في الدول النامية والقول بنهاية الدولة كأحد نتائج العولمة ليس صحيحا .
ولكن الدولة مهما كانت قدراتها ليست هي العنصر الوحيد لعلم السياسة فهناك سياسة خارجة عن الدولة وخارج أطرها الرسمية والممارسات السياسية خارج الإطار القانوني للدولة أكثر واهم من التي تمارس من خلال الدوائر الرسمية ...
ولذا يري فريق من علماء السياسة أن علم السياسة ليس علم الدولة ولا هو علم السلطة ولا هو علم كل العلوم وإنما هو علم السياسة وفقط يتكرر السؤال ما المقصود بعلم السياسة ؟
علم السياسة
هو علم قديم في جذوره ( منذ أرسطو) وأيضا علم حديث استقل عن الفلسفة والتاريخ والأخلاق في الخمسينيات والستينات طرحت مجموعة من المناهج التحليلية البديلة ( منهج تحليل النظم / البناء الوظيفي / الثقافة السياسية / اتخاذ القرار / النخبة / الدراسات المقارنة ) وهذه الدراسات مهدت الطريق لتأكيد مقولة علمية علم السياسة .
ورأي البعض أن هدف علم السياسة اكتشاف القوانين السياسية عبر المنهج العلمي باختبار الفروض وللتأكد من صحتها للوصول على تعميمات حول الظواهر السياسية ...
وهذا المفهوم ( الحديث ) يعني ان علم السياسة ليس عمره 2500 سنة وإنما 50 سنة فقط وارتبط هذا الإدعاء بالمنهج السلوكي الذي برز في عقد الخمسينيات وانتشر سريعا في الستينيات ويفترض هذا المنهج وجود انتظام في السلوك السياسي للإنسان وأن مهمة عالم السياسة اكتشاف هذا الانتظام ومن ثم دراسته علميا وكميا وتحليليا مثل العلوم الطبيعية وصولا إلي النظرية السياسية العامة والقوانين التي تتحكم في المتغيرات السياسية ( السلوك السياسي هنا وحدة التحليل الأولي وأصبح علم السياسة بالتالي علم السلوك السياسي ) فالسياسة هنا ليست غاية أو سلطة أو دولة وإنما في العام الأول سلوك إنساني مكملا للسلوكيات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها وهو ليس حكرا على السياسي وإنما يقوم به الإنسان العادي الذي يتابع الشأن العام ويبدي رأيه في القضايا المختلفة وإن اختلفت درجة الاهتمام من فرد لآخر ..
كما أن سلوك السياسي ( كرئيس الدولة أو عضو البرلمان ) ليس دائما سلوكا سياسيا فجزء مهم من سلوكه اليومي هو سلوك اجتماعي واقتصادي وديني ...
ولكن هذه الصيغة العلمية والسلوكية لعلم السياسة لم تقدم تعريفا محددا السياسة بخلاف أنها سلوك إنساني من نوع ما ، مما فتح الباب لتعريفات كثيرة جدا مختلفة أضفت الغموض مرة أخري علي السياسة .
أقدم هذه التعريفات تعريف هارولد لازول في شكل سؤال بسيط : علم السياسة هي من يحصل علي ماذا وكيف ؟ وديفيد إيستون يعرفها : إنها التوزيع المقنن للموارد .
المهم أن الهدف من هذه التعريفات الإجرائية هو دراسة السياسة دراسة تحليلية .
وتفترض هذه الدراسة التحليلية أن السياسة مجرد جزء من واقع اجتماعي أكثر شمولا ...
ولكن يمكن فرز الجزء السياسي ودراسته دراسة مستقلة وفهم علاقته بالأجزاء الأخرى كالجزء الاقتصادي والنفسي والثقافي والتاريخي ... وكذلك تأثير هذه الأجزاء في الجزء السياسي ( وهذا هو الهدف الأهم من أهداف التحليلي السياسي ... )
وتفترض الدراسة التحليلية أيضا أن الجزء السياسي مركبا من أجزاء فرعية ( النخب السياسية – المؤسسات السياسية – السياسة العامة ... ) ويمكن أيضا فرز هذه الأجزاء الفرعية ودراستها بشكل مستقل وإدراك علاقتها بالأجزاء السياسية الأخرى داخل الجزء السياسي .
الخلاصة أن هذا التحليل السياسي عبارة عن ( عملية ذهنية ) تحاول تجزئة الواقع الذي هو في الحقيقية غير مجزأ الأمر الذي أدي إلى انقسام علماء السياسة وأبدي البعض عدم اقتناعه بعملية علم السياسة وغير متحمس للتيار السلوكي وإنما بالتيار ما بعد السلوكي الذي يؤمن بالتعددية المنهجية النظرية الفكرية ....
لا علمية علم السياسة
أولا : التعريفات الإجرائية تسببت في إضفاء المزيد من الغموض علي السياسة التي تعاني أصلا من الغموض .
ثانيا : لا يمكن التنبؤ بالأحداث السياسية مهما كانت قدرة النظرية السياسية .
ثالثا : البحث عن هذه النظرية لم يؤد حتى الآن إلا الغرق في التنظير .
رابعا : التركيز في السلوك السياسي أدي إلي تهميش ظواهر سياسية مهمة كالدولة – القوة – السلطة – النفوذ – المؤسسات ...
خامسا : لا يمكن تأكيد علمية علم السياسة من خلال تطبيق الطرق الكمية والإحصائية التي لم تقدم سوي استنتاجات عادية وتقليدية ولم تؤدى إلي أي تراكم علمي أو نظري مهم وحاسم في المعرفة السياسية خلال الـ40 سنة الماضية
سادسا : إدعاء الحياد والتجردغير ممكن على الإطلاق فى العلوم الإجتماعية
سابعا : لايمكن تأكيد علمية علم السياسة من خلال التحليل السياسي لأن الدراسات الوصفية لها نفس الأهمية بل إن الدراسات التى تشرح أو تصف السلوك السياسي لازالت تؤسس لتراكم معرفى مهم
أخيرا : الدراسة العلمية عبر المعمل لا تناسب الظواهر الإنسانية المعقدة بل إن التشكيك في الحياد القيمي انتقل مؤخرا من العلوم الإنسانية والاجتماعية إلي العلوم الفيزيائية والأحياء .... وحتى الرياضيات ....وذلك من وجهة نظر التيار مابعد السلوكى0
والخلاصة أن مقولة علمية علم السياسة غير مجدية وممكنة وقد تبين الآن أن الحياد غير موجود وغير مطلوب وأن النظام غير ممكن فى الدراسات السياسية حيث أن معظمه سلوك عشوائى وكما أن النظرية السياسية الواحدة أو العامة محض إدعاء غير واقعى وهكذا أكد هذا الإتجاه : أن المنهجية العلمية ليست هى المنهجية الوحيدة وإنما هى واحدة من بين عدد من المناهج وأصبحت التعددية من أهم مرتكزات التيار مابعد السلوكى وبالتالى إعادة التوازن إلى علم السياسة :
أ‌- على الصعيد المنهجى " بين تيار يلتزم بتطبيق الطرق الكمية والإحصائية بصرامة وتيار آخر يتحرر من كل هذه الأطر "
ب‌- على الصعيد الأيديولوجى هناك تيار اليمين المتطرف وتيار اليسار المتطرف وقد أدت هذه الثورة مابعد السلوكية إلى أن أصبح الأنقسام رباعيا وليس ثنائيا بل وزاد عليهم تيار خامس يدعى الإعتدال الأيدولوجى والمنهجى مما دفع جبرائيل ألموند بوصف كل هذه التيارات بأنها أقرب للطوائف أو القبائل المتناحرة من كونها نظريات أو إتجاهات تحليلية أكاديميةويحملها مسئولية الضياع الراهن فى علم السياسة0
وهناك أسباب إضافية لحالة الضياع هذه :
بروز مجموعة غير متوقعة من الإتجاهات الفكرية الجديدة وغير المألوفة مثل :
الإتجاه النسوى : الذى ركز على قضايا المرأة وقسم علم السياسة إلى ذكورى وآخر نسوى
التحليل البنيوى : (ديفيد استون) – كبديل عن تحليل النظم وخلاصته أن علاقة الجزء بالكل هى علاقة ثلاثية (إختيارية حرة – إجبارية مقيدة – تنسيقية حاضنة )
إتجاه الإنتقاء العقلانى: ملخصه أن الفرد ليس أنانيا بطبعه وأن دراسة رغبات الأفراد من خلال الإطار المؤسسى يحول هذه الخيارات إلى خيارات جماعية0
إنهيار علم السياسة : هذا التنوع الفكرى والمنهجى وتزايد عدد علماء السياسة خاصة فى الولايات المتحدة بدأ يولد التباعد والإنشقاق مع زيادة التفرعات ومع إدعاء كل طرف إحتكار الحقيقة مما أدى إلى المزيد من التشتت مثل حقل العلاقات الدولية الذى يسعى للإنفصال كلية عن علم السياسة لأنه أصبح أكثر أهمية وحجما من ناحية المادة والقضايا والمدارس والنظريات وله فروع مثل القانون الدولى /الإقتصاد الدولى/ المنظمات الدولية 00000
والعكس بالنسبة لحقل الفكر السياسي الذى يعيش حالة من الجمود بدعوى أنه يرتبط بالماضى وبالقضايا الكلية فى حين أن علم السياسة يهتم بالحاضر والقضايا التفصيلية وقد يكون من بين الأسباب أن المفكرين السياسين لا يخفون إزدرائهم للمنهجية السلوكية وقد تراجع هذا النقد حاليا إعترافا بالحاجة الى الفكر السياسي بسبب التغيرات القيمية الحادة والأزمات الأخلاقية والسلوكية المزمنة فى العالم0
وأخيرا يعانى حقل السياسة المقارنة الذى يعد الوليد الشرعى للتيار السلوكى لحالة من الجمود أيضا مع تراجع أطروحات هذا التيار ، كما أن هذا الحقل تأرجح بين الأهتمام بمدخلات النظام السياسى ثم فى مرحلة لاحقة ركز على النظام السياسي ومكوناته (المؤسسات) وأخيرا أهتم بمخرجات النظام السياسي والسياسة العامة
الخلاصة : أن كل حقول علم السياسة تعج بالتغيرات وقد يختفى علم السياسة قريبا باعتباره علما مستقلا لحساب علم العلاقات الدولية وربما يستعيد عافيته مرة أخرى من خلال التأسيس لعلم سياسة جديد ومختلف وهناك علاقة عضوية بين التحولات التى يشهدها علم السياسة والعلوم الإجتماعية الأخرى والتى بدأت مع ميلاد العولمة التى تتطلب مفاهيم ومفردات جديدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق